الفقر منتوج سياحي
فاس تيفي1
بقلم : محمد اقديم
تسويق الفقر كمنتوج سياحي هو المسكوت عنه في شريط محمد مكي مع السائحتين الفرنسيتين في منطقة أمسمرير ( إقليم تنغير) بالسفح الجنوبي للأطلس الكبير الشرقي.
وكأن الفقر صار منتوجا سياحيا في العديد من المناطق القروية السياحية بالمغرب، وفي مقدمتها إقليم الحوز مثلا، الذي يقصده صنف من السياح لم يسبق له أن عاين الفقر ولا شاهد الفقراء مباشرة في بلده، فالفقر يقرأ عنه فقط، ويشاهده في الأفلام أو البرامج الوثائقية، فيقصد هؤلاء هذه المناطق ليعاين الفقر وهو يسعى على رجليه.. ولذلك سيستغرب أي زائر الى بعض المناطق السياحية الجبلية في إقليم الحوز، حيث سيلاحظ بنية تحتية متهالكة أو غيابها ومساكن متآكلة وكأنها تعود الى العصور الوسطى، وسيصادف شبابا ونساء فقراء يعرضون بضائعهم المحلية( فلاحية - صناعية تقليدية..) على السياح، وكنموذج للإهمال الكبير والتهميش الفضيع، في منطقة إمليل بدائرة آسني( وهي من أبرز الوجهات السياحية في الحوز) الطريق الصاعدة إلى ضريح سيدي شمهاروش بجبل طوبقال(أهم موقع مستقطب للسياح)، حيث المسالك متحجرة(غاصّة بالحجر) لا تسلكها إلا البغال والحمير، وبشق الأنفس، ولم تستطع لا وزارة التجهير ولا وزارة السياحة ولا الجماعة ولا المجلس الاقليمي ولا مجلس الجهة ولا غيرهما من المجالس السياسية تهيئتها لتكون سالكة للسيارات.
فالسياحة القروية بالمغرب، التي تستهدف سُياحا من الدرجة الثالثة والرابعة، الذين يبحثون عن المجانية والأثمنة الرخيصة في كل شيء( النقل -الإقامة - الأكل والشرب..)، ولذا يقصد هؤلاء تلك المناطق المهمشة تنمويا، والتي صار فيها الفقر ومظاهره منتوجا سياحيا قابلا للتسويق، و قادرا على جلب نوعا معيّنا السياح.. فمعظم السياح الاوروبيين والأمريكيين وغيرهم الذين لم يسبق لهم أن عاشوا الفقر، بالمواصفات التي يوجد بها عندنا في المغرب، ولم يسبق لهم أن شاهدوه أو عاينوه، يقصدون تلك المناطق القروية الفقيرة، التي تشكل بالنسبة إليهم وجهة سياحية مفضلة، قصد معاينة الفقر والفقراء عن قرب والوقوف على كل تجلياته، والزائر المغربي لهذه المناطق الجبلية المهمشة، سيستنتج بعد معاينته لمظاهر البؤس المستشرية هناك، وكأن الدولة المغربية تعمل على الحفاظ على تهميش تلك المناطق وضمان استمرار الفقر فيها، كتراث وطني، وكأنها تسعى إلى تثمينه وتنميته وازدهاره، ثم تسويقه سياحيا، لجلب المزيد من العملة الصعبة.
والأكثر من ذلك هو دخول الشركات الأجنبية أو المستثمرين الأجانب على خط، حيث باتوا يملكون معظم المركبات السياحية، فصارت معظم الارباح تُحوّل الى الخارج ومن خارج، من خلال عملية الحجز والأداء التي يقوم بها السياح في بلدانهم لوكالات الأسفار، ولا يصل من ذلك إلى المغرب إلا الفتات.