الصيدلي المغربي: في قلب التحول الصحي بين التحديات وطموحات المستقبل

الصيدلي المغربي: في قلب التحول الصحي بين التحديات وطموحات المستقبل

ع.لخضر

لم يعد الصيدلي في المغرب مجرد موزع للأدوية خلف منضدة، بل بات اليوم أحد الفاعلين الأساسيين في منظومة الرعاية الصحية، يلعب دور المرشد العلاجي والمدافع عن الصحة العامة. في خضم التغيرات المتسارعة التي يشهدها النظام الصحي الوطني، يجد الصيدلي المغربي نفسه في موقع متقدم لإعادة رسم معالم مهنته، بين تحديات يومية متزايدة وآفاق مستقبلية واعدة.

صيدلي في صدارة التغيير

تحت رمز “الصليب الأخضر” المضيء، يعيد الصيدلي المغربي اليوم تعريف أدواره التقليدية، ليصبح شريكاً رئيسياً في تعزيز الصحة والوقاية. فمع تفاقم الأمراض المزمنة، كداء السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، أصبح دوره محورياً في:

متابعة الحالات المرضية وتعزيز الالتزام العلاجي؛

الكشف المبكر عن الأمراض؛

تقديم المشورة الصحية اليومية؛

وذلك بفضل انتشار الصيدليات (أكثر من 12 ألف صيدلية على المستوى الوطني)، وقربها الجغرافي والاجتماعي من المواطنين.

في القرى والمناطق شبه الحضرية، حيث يندر وجود الأطباء، تُعد الصيدلية في كثير من الأحيان نقطة الاتصال الأولى مع النظام الصحي، مما يجعل الصيدلي مساهماً في تقديم الإسعافات الأولية والتوجيه الطبي الأساسي.

كذلك، يضطلع الصيدلي بدور حاسم في حماية الصحة العامة من خلال التصدي لظاهرة العلاج الذاتي العشوائي وانتشار الأدوية المغشوشة والمُهرَّبة، التي لا تزال تشكل خطراً حقيقياً على سلامة المرضى.

التحديات أمام المهنة

رغم هذا التطور الملحوظ في الأدوار، لا تزال مهنة الصيدلة في المغرب تواجه عدة تحديات:

عدم الاعتراف الكامل بالمهام الموسعة، رغم تطور الإطار القانوني (القانون 131.13)؛

نقص التنسيق بين الصيادلة والأطباء في مسار الرعاية العلاجية؛

المنافسة الشرسة في السوق، لا سيما في المدن الكبرى، التي تهدد الاستدامة الاقتصادية للعديد من الصيدليات؛

ضرورة مواكبة التطور العلمي والطبي بشكل دائم، خصوصاً مع تعقيد الأدوية الحديثة؛

التفاوت الجغرافي الكبير في توزيع الصيدليات، مع صعوبات حادة في جذب الصيادلة إلى المناطق القروية.

مستقبل واعد مبني على الابتكار

رغم هذه التحديات، يحمل المستقبل آفاقاً مشجعة بفضل التحول الرقمي والانفتاح على ممارسات مبتكرة:

الوصفة الطبية الإلكترونية،

توصيل الأدوية المراقب عن بعد،

الملفات الصحية الرقمية،

الخدمات المهنية المدفوعة (برامج تلقيح، كشف مبكر، مرافقة المرضى في الإقلاع عن التدخين…).

كما يُنتظر أن يندمج الصيدلي المغربي بشكل أكبر في شبكات الرعاية الصحية الأولية، إلى جانب الأطباء والممرضين، خاصة في تدبير الأمراض المزمنة.

من جهة أخرى، يظل موقع الصيدلي كفاعل قريب من المواطن ميزة فريدة تُؤهّله للمساهمة بفعالية في حملات التوعية الوطنية في مجالات الوقاية والصحة العامة.

في هذه المرحلة المفصلية، يقف الصيدلي المغربي في قلب التحول الصحيالذي يعرفه المغرب. تكمن فرص النجاح في تعزيز الاعتراف بدوره الجديد، تطوير التكوين المستمر، وتسريع إدماج الحلول الرقمية. فمهنة الصيدلة، بشبابها وحيويتها، مؤهلة لأن تصبح ركيزة أساسية في بناء منظومة صحية حديثة وأكثر قرباً من المواطن.