متابعة الصيدلي في المغرب بقانون 1922: إشكالية التقادم والواقع الصحي المتطور

متابعة الصيدلي في المغرب بقانون 1922: إشكالية التقادم والواقع الصحي المتطور

Festv1//

يعيش الصيادلة المغاربة حالة من القلق والاستياء بسبب استمرار تطبيق قانون استعماري قديم يعود إلى عام 1922، والذي يجرم صرف بعض الأدوية النفسية والعصبية دون وصفات طبية دقيقة. هذا القانون، الذي صدر في فترة الاستعمار الفرنسي، لم يتم تحديثه بشكل كافٍ لمواكبة التطورات الطبية والمهنية، مما يعرض الصيادلة لمتابعات قضائية ويؤثر سلبًا على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين .  

الإطار التاريخي والقانوني

- ظهير 1922: صدر هذا القانون لتنظيم تداول المواد السامة والمخدرة، وصنف الأدوية إلى فئات (A, B, C)، حيث تخضع الأدوية النفسية والعصبية (مثل مضادات الاكتئاب وأدوية الصرع) لإجراءات صارمة تتطلب وصفات طبية خاصة وتسجيلًا دقيقًا .  

- التقادم القانوني: رغم صدور مدونة الدواء والصيدلة عام 2006، إلا أن السلطات تواصل تطبيق قانون 1922، مما يخلق تناقضًا بين الواقع الطبي الحديث والأطر القانونية المتجاوزة .  

إكراهات تواجه الصيدلي 

1. المتابعات القضائية:  

   - يتعرض الصيادلة للمتابعة بتهم جنائية مثل "الاتجار في المخدرات" إذا صرفوا أدوية نفسية دون وصفات دقيقة، حتى لو كان الهدف علاجيًا .  

   - العقوبات تتراوح بين الغرامات المالية (5000 إلى 500000 درهم) والسجن (من سنتين إلى 10 سنوات) .  

2. الوصفات المزورة:  

   - يستغل مروجو المخدرات التكنولوجيا الحديثة لتزوير الوصفات الطبية، مما يعرض الصيادلة للخطر بسبب صعوبة كشف التزوير .  

3. الضغط بين الواجب المهني والمخاطر القانونية:  

   - الصيدلي يواجه معضلة بين مساعدة المريض (خاصة في حالات الطوارئ) والخوف من المتابعة القضائية .  

   - بعض الصيادلة يرفضون صرف الأدوية النفسية تمامًا لتجنب المخاطر، مما يحرم المرضى من العلاج .  

تأثيرات على المنظومة الصحية  

- المرضى كضحايا:  

  - انقطاع الأدوية النفسية يؤدي إلى تدهور صحة المرضى، لا سيما المصابين بأمراض مزمنة مثل الصرع والفصام .  

  - اللجوء إلى السوق السوداء أو الطب الشعبي البديل، مما يعرض المرضى لمخاطر صحية إضافية .  

- الاقتصاد الصيدلي:  

  - الصيادلة يعانون من خسائر مالية بسبب تقييد صرف الأدوية ذات الهوامش الربحية المرتفعة .  

  - تفاقم مشكلة البطالة بين الصيادلة الجدد، حيث يقدر عدد العاطلين منهم بحوالي 3000 من أصل 12000 صيدلي في المغرب .  

مطالب وتوصيات للتحديث 

- إصلاح القانون:  

  - المطالبة بإلغاء ظهير 1922 واستبداله بقانون حديث يتوافق مع مدونة 2006، يراعي التطورات الطبية ويصنف الأدوية بشكل علمي .  

  - اعتماد "الوصفات المؤمنة" صعبة التزوير، كما هو الحال في تونس .  

- دور الصيدلي كشريك صحي:  

  - ضرورة إشراك الصيادلة في صياغة السياسات الدوائية، خاصة في مشروع القانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية .  

  - تحسين وضعية الصيادلة المادية عبر تحديد أتعاب لصرف الوصفات (مقترح 20 درهم للوصفة) .  

- الحماية القانونية:

  - نقل المتابعات من الجنائي إلى المهني، مع معاقبة الأخطاء عبر الهيئة الوطنية للصيادلة بدلاً من القضاء الجنائي .  

استمرار العمل بقانون 1922 يمثل عائقًا أمام تطور المهنة الصيدلية والمنظومة الصحية في المغرب. التحديث القانوني والإصلاح الهيكلي ليسا خيارًا فحسب، بل ضرورة ملحة لضمان حماية الصيادلة والمرضى على حد سواء، وتحقيق عدالة صحية تواكب متطلبات العصر .