بوطيب في رحلة الكلمة بين التتويج و النقد

Festv1 احتضنت قاعة لقاء بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط جلسة أدبية ثرية أضاءت جوانب مهمة من المشهد الإبداعي العربي سير أطوارها الدكتور جمال بوطيب مستقبلا قامات أدبية حصدت مؤخرا جائزة "المعلقة" المرموقة في المملكة العربية السعودية جمع اللقاء بين الشاعر العماني القدير حسن المطروشي، المتوج بالجائزة الأولى في الشعر الفصيح، والشاعرة المغربية المبدعة سكينة حبيب الله، التي نالت الرتبة الثانية في شعر النثر. فتح هذا الحوار نافذة على تجاربهم الإبداعية، ونظرتهم إلى دور الجوائز في مسيرة الكاتب، وتفاعل النقد مع نصوصهم، وطموحاتهم المستقبلية. من هو الشاعر الذي أمامنا وماهي أهم جوائز مساركم المهني؟ استهل الدكتور بوطيب اللقاء بسؤال تعريفي للشاعر حسن المطروشي، الذي استعرض مسيرته الأدبية الحافلة بالإنجازات والتتويجات. بدأت رحلة المطروشي مع الجوائز مبكرًا في عام 1999 بحصوله على جائزة المبدعون للشعر، لتتوالى بعدها الإنجازات بحصد جائزة مهرجان الشعر العماني، وجائزة تريولا بإيطاليا، وجائزة نوسي بالمملكة العربية السعودية لأفضل إصدار شعري عماني أربع مرات. ليختتم هذه المسيرة المكللة بالنجاح بحصوله على الجائزة الأولى في جائزة "المعلقة" عن فئة الشعر الفصيح. بدورها، قدمت سكينة حبيب الله نبذة عن مسيرتها الإبداعية التي تنوعت بين القصة القصيرة والسيناريو والشعر بدأت تتويجاتها بجائزة في القصة القصيرة بمدينة زاكوره، ثم جائزة شمس سيناريو في مصر ومهرجان أسوان وأكدت أن هذه الجوائز لم تكن مجرد تقدير لإبداعها، بل كانت بمثابة جواز سفر للتنقل الجغرافي والثقافي داخل المغرب وخارجه، مشيرة إلى جائزة فلوتن بواز بإيطاليا كنموذج لذلك. كما أشارت إلى حصولها على عدة منح للكتابة، وصولا إلى آخر تتويجاتها بحصولها على الرتبة الثانية في جائزة "المعلقة" عن فئة شعر النثر. هل تصنع الجوائز الكاتب أم أن المبدع هو من يصنع الجائزة؟ انتقل الحوار إلى قضية جوهرية تتعلق بدور الجوائز في صناعة الكاتب والمبدع رأى حسن المطروشي أن العلاقة بينهما تفاعلية، فالمبدع الحقيقي يسعى للوصول إلى الجوائز كاعتراف بتميز عمله، في حين أن هناك مبدعين قد لا تشغلهم هذه المسألة لكنه أكد أن تحقيق الجوائز يمثل مؤشرا على جودة المنتج الإبداعي واستحقاقه للحضور وشدد على أن المبدع هو من يضع بصمته ويصنع قيمة الجائزة، بينما تساهم الجائزة بدورها في حياته الشخصية والاقتصادية، وتقدم المبدعين للجمهور والقراء. من جهتها، أشارت سكينة حبيب الله إلى أن الجوائز أحدثت تغييرا ملموسا في حضورها في المشهد الأدبي المغربي، فبعد أن كانت تشعر بالعزلة (كنت عزلاء)، منحتها الجوائز شبكة واسعة من المعارف والعلاقات، خاصة بعد برنامج "المعلقة" التلفزيوني واعتبرت أن الجائزة منحتها حرية أكبر لتقديم بلدها ومد جسور التواصل الثقافي بين المغرب والدول العربية من خلال الشعر، والمساهمة في تقريب وجهات النظر بين الثقافات المختلفة. تفاعل النقد مع التجربة الشعرية: بين الدراسة والتقصير؟ تطرق الحوار إلى مسألة اهتمام النقد بالشعر والشعراء، وخاصة نصوص الضيفين. أوضح حسن المطروشي أنه حظي باهتمام نقدي ودراسات من قبل طلبة في بحوث تخرجهم على مستوى الإجازة والماستر، بالإضافة إلى بعض التقارير. إلا أنه أشار إلى وجود نقص في دراسة ونقد نصوصه بشكل أعمق. في السياق ذاته، أكدت سكينة حبيب الله أن جوائز سلطنة عمان ساهمت في تسليط الضوء على تجربتها الشعرية، وأن لديها نصوصا لفتت انتباه النقاد، بالإضافة إلى بحوث تخرج وأطروحات وترقيات جامعية تناولت أعمالها. هل لامس النقاد قضايا التجربة الإبداعية بعمق؟ استفسر الدكتور بوطيب عن مدى ملامسة النقاد للقضايا الجوهرية في تجربة الضيفين الإبداعية. أوضح حسن المطروشي أن بعض النقاد تناولوا أفكاره ونصوصه المختارة بشكل جيد، لكنه أشار إلى أن نصوصه قد تُؤول أحيانا إلى قراءات أخرى، معتبرا ذلك حقا مشروعا للمتلقي. من جانبها، أكدت سكينة حبيب الله على أهمية أن يلمس النقد في تجربتها ما تعانيه المرأة المغربية، وأن يؤخذ ذلك في سياقه البنيوي والشكلاني كهوية شائعة وأضافت أن نظرتها إلى العالم ومواجهتها لأسئلتها تتم دائما بعدسة الشعر، فهي تكتب في كل الأجناس الأدبية ولكن من زاوية الشاعرة. وأشارت إلى أن بعض النقاد قد يغفلون بعض الجوانب في كتابتها، معتبرة ذلك بمثابة كتابة إضافية لكتابتها الأصلية، ووسيلة أخرى لإبصار نصوصها. الطموحات المستقبلية: بين استمرار التجريب ومحبة الجمهور؟ اختتم اللقاء بسؤال عن الطموحات المستقبلية للضيفين. أكد سكينة حبيب الله على استمرارها في الكتابة والتجريب، مشيرة إلى أنها ليس لديها ثابت في الأدب، بل تمزج بين المسرح والنص والشعر، وتسعى لاختبار حدود الأدب واللعب في مساحة إبداعية واسعة كما تطمح إلى كتابة نصوص تجذب حتى غير المهتمين بالأدب، وإدخال بعض اللغات الأخرى في تجربتها. أما حسن المطروشي فقد صرح بأن جائزته الكبرى التي يطمح إليها هي محبة الناس. وكشف عن خططه للمشاركة في جوائز أخرى، وعن اشتغاله على نصوص شعرية وكتاب عن ظواهر الشعر العماني وأشار إلى أهمية تسليط الضوء على الرصيد الشعري العماني الغني الذي يمتد لأكثر من 900 عام وإيصاله إلى الجمهور العربي بشكل عام. تتويج خارج الوطن وطموح لجائزة المغرب؟ علقت سكينة حبيب الله على أهمية التتويج خارج المغرب، لكنها لم تخف طموحها في الحصول على جائزة مغربية. وأشارت إلى أنها تقدمت لجائزة المغرب في الشعر لكنها لم تفز بها وأوضحت أن عدم الفوز لا يعني بالضرورة أن نصوصها لم تكن في المستوى، بل يرتبط أيضا بمعايير واختيارات لجان التحكيم وأكدت على بقاء طموحها كبيرا رغم أنها ليست ماهرة في التقدم للجوائز وإعداد ملفاتها، مشيرة إلى أن الفوز خارج الوطن جميل، لكنه يظل ناقصا إذا لم يكن له صدى في بلدها من هو أفضل شاعر في المشهد العربي؟ في سؤال أخير، وجه الدكتور بوطيب سؤالًا عن أفضل شاعر في المشهد العربي. أجاب حسن المطروشي بذكاء أن كل شاعر في نظره هو أفضل الشعراء، وأن الجميع يطمحون لأن يكونوا الأهم وأشار إلى أن جائزة "المعلقة" ساهمت في انتشاره ووصوله إلى شرائح واسعة من الجمهور وعبر عن امتنانه وتقديره لدولة المغرب على الدعوة ولاستضافته في فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالرباط بفضل هذه الجائزة والمشاركة في البرنامج المصاحب. كمال العابدي